Thursday, December 14, 2006

ضريبة الحق




تبدأ القصة من زمن طويل، قصة يملؤها البطولة و التضحية، تملؤها الإيمان و تعيشها أرواح تحمل قضية، قضية الإسلام، قضية الأمة بأكملها. هم أناس توضأت قلوبهم قبل أيديهم، و نذروا ما منحهم الله من الحياة فى سبيل دعوته و سبيل حمل رسالته إلى العالمين. ومنذ أن تكونت جماعة الإخوان المسلمون، و إلى يومنا هذا و الاعتقالات و الملاحقات لا تنقطع و آخرها الخميس 14/12/2006.

بدأت حملة الاعتقالات فى فجر ذلك الخميس، اعتقال رجالا أحسبهم أنهم من أشرف رجالات مصر إن لم يكونوا أشرفهم و لا أزكى على الله أحدا، فبمجرد أن تنظر إلى وجوههم تشعر براحة قلبية غريبة، تشعر بالحب يتدفق منهم إليك، يظنون - أمن الدولة - أن هذه الاعتقالات تضعف عزائمنا، و تجعلنا نتراجع خوفا من الاعتقال، طمعاً فى العيش الهادئ الرغيد، كلا و الله ما تزيدنا إلا إيماناً و تثبيتاً، إلا يقيناً أننا على الدرب القويم، و هل كان درب النبى - عليه أفضل صلاة و أتم تسليم - إلا مليئا بالمحن و الابتلاءات؟ و الصبر و المعاناة؟ هو هو ذاك الدرب، فكما أخبرنا - صلى لله عليه و سلم - " حُفَّت الجنة بالمكاره و حُفَّت النار بالشهوات " أو كما قال صلى الله عليه و سلم.

حقيقة هناك خمس رسائل لخمس فئات من الناس:

أولا إلى الإخوان المعتقلين:

أحبتى، اثبتوا و اعلموا أننا ما بايعنا الله على أن نسلك هذا الطريق إلا و قد علمنا أنه مملوء بالأشواك و المحن، فلا تجزعوا، فإنما هذه هى ضريبة صدقكم و إيمانكم، فأخلصوا نياتكم تُرفَع درجاتكم و تفوزوا برضا ربكم، و ليكن سجنكم خلوة فإنما، المحبوس من حُبِسَ عن ربه، و الأسير من أسره هواه كما قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية و الغريب أنه كان مسجونا فى مصر أيضاً!، و أذكركم و نفسى بالآية الكريمة " و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم صادقين . إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله ما لا يرجون... " صدق الله العظيم. و لا تنشغلوا بأمور أهليكم و دنياكم و تذكروا قول سيدنا أبو بكر " تركت لهم الله و رسوله " فأوكلوا أمرهم إلى الله، فالله لن يضيعهم و هو خير حافظا، و هو السميع البصير.

ثانيا إلى أهالى الإخوان المعتقلين:
بوركتم و أنزل الله عليكم سكينتَه و ثبتكم و ألهمكم الصبر الجميل، و لكم أن تفخروا أن لكم أزواجاً أو آباءًا أو أبناءًا مثل هؤلاء الرجال فهم و الله يدفعون الثمن لنكمل نحن السير فى نفس الطريق، فاحتسبوا الأجر و المثوبة عند الله تعالى، و أذكر هنا قول الإمام الشهيد حسن البنا عليه رحمة الله " لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد، ولا زال في الوقت متسع، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد، والضعيف لا يظل ضعيفاً طوال حياته، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين ( ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض ) [القصص5-6]. " قلوبنا معكم و تسبقها دعوات الأسحار.

ثالثا إلى ما يسمى بأمن الدولة:

أبدأ رسالتى بالدعاء لكم بالهداية فإن لم تكن مكتوبة لكم فلعنة الله على الظالمين، اعملوا ما شئتم أن تعملوا، فوالله إنا على استعداد أن نموت فى سبيل إعلاء كلمة الإسلام، و لن تنالوا ما تريدون، فلن نضعف و لن نستكين، قد عاهدنا الله سبحانه و تعالى و لا نبدل أبداً و لا نخون إن شاء الله، فى طريقنا ماضون، و ما تزيدوننا إلا يقيناً أننا على الحق، و الله سيحكم بيننا يوم القيامة و هو خير الحاكمين.

رابعا إلى عموم الشعب الإخوانى:

حياكم الله أحبتى، و اعلموا أننا فى يوم من الأيام سنكون مكانهم، فالهجوا لهم بالدعوات و سارعوا بتفقد أحوال أهلهم و مساعدتهم، و اعلموا أنهم يُضَحُّون كى نَنْعم نحن بالأمن، فشكر النعمة من جنسها، فقد حباكم الله أن تكونوا من هذه الفئة العظيمة، فاعملوا على نشر الفكرة و الدعوة إليها، و ما دعوتنا سوى أنها الإسلام؟ فوَفُّوا إخوانكم حقوقَهم و تذكروا أن الراحة الحقيقية فى الآخرة.

و أخيراً و ليس آخراً إلى شعب مصر الحبيب:

أود أن أخبركم أننا نحبكم أكثر مما نحب نفوسَنا، فنحن نضحى كى تنعموا بالحرية التى سُلِبَت منا، فلا تركنوا إلى السكوت و لا تخضعوا للذل، و تعرفوا إلى دعوتنا و فكرتنا، و لا تنخدعوا بما يحاك لها ليل نهار فى شتى وسائل الإعلام، و أقل القليل ألا تنسونا من صالح دعواتكم.

و السؤال الذى يفرض نفسه الآن أين الإصلاح الذى يتغنى به النظام؟ و أين الحرية التى لا زال يحدثنا عنها ليل نهار؟ أم أن مفهوم الحرية عنده غير السائد فى مجتمعنا؟ أين...أين...أسئلة لا تنتهى و لكن أظن أن جميعنا يعلم الإجابة و لكن من منا يستطيع أن يبوح بما فى صدره؟!

2 comments:

عمرو طموح said...

جميلة جدا الرسائل، بس عندي تعليق.

انت اتكلمت عن حدث كان ليه مسببات، و مذكرتها، و لا حتي أشرت ليها، و هي مسببات لا يستهان بها متهيألي. و عشان نفهم الحدث صح لازم نفهمه في الإطار اللي هو كان فيه.

و بالتأكيد انت معاك حق في الرسائل اللي انت كاتبها.
و التساؤل الأخير إجابته بسيطة جدا... الإصلاح راح راح؟ و غالبا بعد اللي حصل ده ، مش راجع تان غير بعد سنين.

أبو نضال said...

ازيك يا عمور؟ بجد بتوحشنى رغم انك فى السرير اللى جنبى بس ظروف الكلية مش بتخلينا نتقابل كتير، المهم أنا معاك انى ما ذكرتش الأسباب، و دا لسبب لأنى ما كنتش أعرف اللى حصل بالظبط، أقصدانى عارف الإعلام بيقول ايه، بس ما قابلتش حد من الطرف التانى او سمعت حتى رأيهم، بس النهاردة قابلت واحد و ممكن أبقى أكتب عن المشكلة اللى حصلت إن شاء الله

و يا ريت حضرتك ما تحرمناش من تعليقاتك القيمة

و ربنا يفتح عليك و يبارك لك يا رب إن شاء الله