مجرد تساؤل
أبحث فى أعماقى عن نفسى، عن ذاتى، أتساءل من أنا؟ أبحث و أُجِدُّ فى البحث، فلا أدرى من أنا؟ أتعثر فأحاول القيام، فأتعثر مرة أخرى حتى أنجح فأقوم و أنفض الغبار لأكمل مسيرة البحث، و لكنى لم أجد الإجابة إلى الآن! كم هو مؤلم ألا يعلم الإنسان من هو، لا أعنى بالمعنى المَرَضى، و لكن أعنى بالمعنى النفسى، فلطالما وجدت من يجهلون من هم، و لكنهم لا يعبَأون بأن يعرفوا! كيف يعيش الإنسان إن كان لا يدرى من هو؟
أضحك تارةً و أبكى أخرى، أتحدث حيناً و أصمت أحيانا، فالصمت بلاغ فى بعض الأوقات، أناجى ربى، أحاكى القمر و النجوم، أسائل نسمات الهواء، أحاور دمعتى، تُرى من أكون؟ و تبقى روحى تُطَمئِنُنِى، أنى سأجد بغيتى، سأعرف من أنا فى يوم يرسم فيه القلبُ بسمتى، و يشهد الكونُ فرحتى، و لكن لا تتعجلْ، فكلٌ فى موعده يأتى!
أعلم عن نفسى قليلاً، و أجهل عنها كثيراً، كم وددت لو أن بمقدرتى أن أنادينى، فتجيبنى نفسى لا غيرها، أو قل أرد أنا علىّ أنا، و أخبرنى من أنا! أرد أنا و أكشف أسرار نفسى لنفسى، فأرى خباياها، فأعلم قدراتى و مهاراتى، و أرى لأول مرة صورتى! فكلنا ينظر لنفسه فى المرآة، فيبصر قناعَه الذى هو ظاهر للناس، و لكن لا يدرك ما وراء هذا القناع إلا القليل القليل، فمن منا يرى نفسه على حقيقتها فى مرآة الحياة؟
قد يُدهش البعضُ لحيرتى، و لكن ماذا عنك أنت أيها المُندهش لحالى؟ أتُراك تعرف –حقيقةً- من أنت؟ و ماذا تريد؟ و أعنى بسؤالى الدنيا، و لا أقصد الآخرة، فكلنا يريد الآخرة، يريد الفردوس الأعلى، و يتمنى رضا المولى، و لكنى أتحدث هنا عن الذات، ذاتك أنت، التى تسكن ضلوعك، و خلجات صدرك، فكم منا يعي و يعرف حقاً من هو؟ و ما هى حقيقة قُدُراته؟ من منا يعرف رسالته فى الحياة؟ سأعاود القول: القليلُ القليلُ.
ابْحثْ عن نفسك، تعرف ما الذى يجب عليك فعله، تعلم دورك فى هذه الدنيا، ترى ما حباك الله من إمكانيات و لكنها كانت تتخفى منك داخلك، تنتظرك أن تشعر بوجودها، فتتلمسها، و تطوعها، و لكن للأسف فعنها –أنت- قد غفلتَ! إذا عرفتَ من أنت، فإنك قد حققت أكبر إنجازٍ فى حياتك، لأن عن طريقها – نفسك- ستفعل الكثيرَ و الكثيرَ، بل و أكثرَ مما كنت تحلم بتحقيقه، ببساطة ستكتشف المارد الذى بداخلك! و لكن لن يتحقق كل هذا إلا بشرط: إن أنت صدقت! صدقتَ النيةَ و العملَ معاً، فإياك و الأوهام، و كثيرة ما هى فى هذه الأيام، فامض يا رعاك الله، و اكتشف ذاتَك حتى تفوز بنعيم الدنيا و عظيم نعيم الآخرة.