ابتهال: يا سيدى
يا سيدى ما لى سواك و أنت لى *** كالماء للأزهار منه تستقى
هذى زهور الروح إن أسقيتها *** و أدمت سقياها بِكَمٍّ هائلِ
تزدادُ رقتُتها و حسنُ جمالها *** و عبيرُها مسكٌ و طيبُ العنبرِ
أرواحُنا عطْشى و ليس يضيرُها *** كثرُ السقايةِ لا و ليست تكتفى
يا سيدى ما دمت أنت الساقى فالـ *** أرواحُ تزهرُ زهرةَ القلب التقى
يا سيد الوصل إليك شكايتى *** فالبعد أعيانى و طالت غربتى
يا سيدى الوصل منك و إنه *** يهفو لوصلك عبدك المتندّمِ
قد ذاب من فرْط الهوى و لإنه *** أضحى غريق الشوقِ فى عبَراتهِ
أوصِلْ بلطفٍ منك يا من عطفه *** فاق الحدودَ و كلٌّ غير محدَّدِ
يا سيدى لو حُجِّبَت دعواتُنا *** بذنوبنا فلأنت أهل الرحمةِ
و لآنت تسمع كلَّ همسِ شفاهِنا *** و لآنت تبصر قلبنا فى الرعشةِ
و لآنت شافى الروحَ من أسقامها *** و لآنت وحدك من يطبب علتى
يا سيدى أرواحُنا أنّت لِمَا *** قد كان منّا فى دروب الرحلةِ
يا سيدى لما رأيتَ ذنوبَنا *** أمهلتنا رغم احتقان الزَّلةِ
عاملتنا بالمنّ يا من منّه *** ضمّ القلوبَ و ما أحنَّ الضمةِ
يا سيدى هذى العيون تشتكى *** جَفْوَ الدموعِ و طول نوم الليلةِ
يا سيدى هذى القلوبُ تئنُّ من *** ليلائها و لوَحْلها فى القسوةِ
يا سيدى لما ذكرنا ذنبَنا *** ناديتنا لا تقنطوا من رحمتى
يا سيدى رحماك بالعبد الذى***سكب الدموع بجوف ليل الخلوةِ
فاض الحنينُ إليك يصحب شوقَه***أنّ الأنينُ لِمَا درى من أنّتى
قد جئت أعرض كل ذنبٍ ذقتُه***على ما عهدتُّ من جميل الرحمةِ
أنا قد عصيت و طفت ألوانَ الهوى***فأزل جبالَ الرانِ يا ذا المنّةِ
و أعن عبيدا قد تلطّم خدُّه***و أنر بهديك ما طغى من عتمتى
امسح على قلبى بلمس محبتك***فيها يذوب الهمّ، تولدُ رفعتى
يا سيدى تحيا القلوب بحبكم***و بذكركم ترقى سماءَ الحكمةِ
تسمو و تصبو أن تلامسَ نورَكم***فتصير نبعا للهدى و الهمّةِ